فضل لا حول ولا قوة الا بالله

لا حولَ ولا قوةَ إلاّ باللهِ: “يعبّرُ أهلُ اللغةِ عنها بالحوقلة 
والحولُ: هو التحولُ, والقوةُ: هي خلافُ الضَعفِ، قوّاه الله أي: أعطاه القوة, وهي كلمةُ إسلامٍ واستسلامٍ, فلا تحوّلَ للعبدِ من معصيةٍ إلى طاعةٍ، ولا من مرضٍ إلى صحةٍ، ولا من وهنٍ إلى قوةٍ، ولا من نقصانٍ إلى زيادةٍ إلاّ باللهِ، ولا قوةَ له على تحقيقِ هدفٍ من أهدافهِ إلاّ باللهِ العظيمِ.

قالَ ابنُ مسعودٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- أي: “لا حولَ عن معصيةِ اللهِ إلاّ بعصمتهِ، ولا قوةَ على طاعتهِ إلاّ بمعونتهِ

إن لا حول ولا قوة الا بالله كلمةٌ عظيمةٌ ينبغي على كلِّ مسلمٍ يُكثرَ من قَولِها، ومن عَظَمَتِها أنها ضمنُ الكلماتِ التي هيَ أحبُّ الكلامِ إلى اللهِ, وهيَ  من غراسِ الجنةِ, وهيَ من الباقياتِ الصالحاتِ التي هيَ: (خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا) وفِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ حِينَ نُسَلِّمُ نقولُها(صحيح مسلم), وهيَ كنزٌ من كنوزِ الجنةِ, بل هل تدريْ أن ثمتَ بابٌ من أبوابِ الجنةِ اسمُه لا حولَ ولا قوةَ إلاّ باللهِ”
ففي "الصحيحين": أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لأبي موسى الأشعريِّ: «يا عبدَ الله بن قيس! قُل: لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله؛ فإنها كنزٌ من كنوز الجنة».
وفي روايةٍ عند الإمام أحمد والحاكم: «أنها بابٌ من أبوابِ الجنة».

الله أكبر – عباد الله -، إن لا حول ولا قوة الا بالله كنزُ الذي يفتقِرُ إليه كلُّ واحدٍ منَّا، إنه الكنزُ الغائِبُ عن أوساطِنا، إنه الكنزُ العظيم ذو الثمن الضَّئيل، إنها كلمةٌ عظيمةٌ مليئةٌ بكل معاني التوحيد واللُّجوء إلى الله، والبراءة من حَول العبد الضعيف وقوَّته إلى حَول العظيم الجبَّار وقوَّته.
إنها الزادُ لمن أرادَ السداد، إنها أُنسُ المهمُوم وجلاء المغمُوم، من التزمَها سعِد وربِح، ومن زهِد فيها شقِيَ وخسِر؛ كيف لا وهي من الباقِيات الصالِحات التي قال عنها النبي – صلى الله عليه وسلم -: «استكثِروا من الباقِيات الصالِحات». قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: «التكبير، والتهليل، والتسبيح، والحمدُ لله، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله»
إنها الزادُ لمن أرادَ السداد، إنها أُنسُ المهمُوم وجلاء المغمُوم، من التزمَها سعِد وربِح، ومن زهِد فيها شقِيَ وخسِر؛ كيف لا وهي من الباقِيات الصالِحات التي قال عنها النبي – صلى الله عليه وسلم -: «استكثِروا من الباقِيات الصالِحات». قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: «التكبير، والتهليل، والتسبيح، والحمدُ لله، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله» 
عجبًا للعبد يشغَلُه حولُ البشر وقوَّتهم عن حَول الله وقوَّته! عجبًا له كيف يزهَدُ في هذا البابِ المُوصِلِ إلى الكنز؟!

أما لو ردَّدا المظلُوم وذو المضايِق، وأكثرَ من قولِها مُوقِنًا بها، لفتحَ الله بها من أبواب الرِّضا ما يطيشُ أمامَها كلُّ همٍّ وغمٍّ وحُزنٍ وكآبة؛ فهي مِفتاحُ الإيمان، ومِفتاحُ الإعانة، كما قال شيخُ الإسلام وغيرُه؛ لأنه بذكرِ الحوقلَة يُفوِّضُ أمرَه إلى القاهرِ فوقَ عبادِه وهو الحكيمُ الخبير.

فكأنَّ المُحوقِل يقول: لا حركةَ لي ولا استطاعةَ ولا تحوُّل من حالٍ إلى حالٍ إلا بحَول الله وقوَّته.
لذلكم جاء في فضائلِها أحاديثُ كثيرة بذكرِها مُفردة وذكرِها مقرونةً بغيرها؛ لأنها تُوجِبُ الإعانةَ من الله لقائلِها، فلأجل ذلك سنَّها النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا قال المُؤذِّن: "حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح"، فيقول المُستمِع: "لا حول ولا قوة إلا بالله".

ألا أيها المهمُوم! قِف قليلاً ثم تأمَّل ما تحمِلُه هذه الكلمة من المعاني العظيمة، والاعتِصام الجليل بمن يمينُه ملأى لا يغيضُها شيء، سحَّاءَ الليل والنهار، أرأيتُم ما أنفقَ منذ خلقَ السماءَ والأرضَ، فإنه لم يغِض ما في يمينِه. بذلكم أخبرَ النبي – صلى الله عليه وسلم -.
وعن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- قال: "أمرني خليلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسبع: أمرني بحب المساكين، والدنو منهم، وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني، ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت، وأمرني ألا أسأل أحد شيئا، وأمرني أن أقول بالحق وإن كان مرا، وأمرني ألا أخاف في الله لومة لائم، وأمرني أن أكثر من: "لا حول ولا قوة إلا بالله" فإنهن من كنز تحت العرش"
وقال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "ولما كان الكنز هو المال النفيس المجتمع الذي يخفى على أكثر الناس، وكان هذا شأن هذه الكلمة كانت كنزا من كنوز الجنة، فأوتيها النبي -صلى الله عليه وسلم- من كنز تحت العرش".

وقال ابن رجب -رحمه الله-: "فإن المعنى لا تحول للعبد من حال إلى حال، ولا قوة له على ذلك، إلا بالله، وهذه كلمة عظيمة، وهي كنز من كنوز الجنة: "لا حول ولا قوة إلا بالله".

كلمة استعانة وتوكل، ولذا نجد الشرع أوصى بذكرها في مواضع الاستعانة بالله -سبحانه وتعالى-، فعندما تسمع الأذان، وتسمع: "حي على الصلاة، حي على الفلاح"، تقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله" أي لا قوة لي، ولا قدرة لي، على الاستجابة لهذا النداء، إلا بإعانة الله وتوفيقه.
وهنا يبشرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ببشرى عظيمة، قال صلى الله عليه وسلم: "إذا قال المؤذن: الله أكبر، فقال أحدكم: الله أكبر، الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمدا رسول الله، قال: أشهد أن محمدا رسول الله، ثم قال: حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر، الله أكبر، قال: الله أكبر، الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله، قال: لا إله إلا الله؛ من قلبه دخل الجنة"
أيها الأحباب الكرم: إذا خرج الرجل من بيته، فهو مدعو للاستعانة بالله، وهذا الذكر: "لا حول ولا قوة إلا بالله" له تأثير عجيب في حفظ المسلم؛ فعن أنس ابن مالك -رضي الله عنه- عن النبي – صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إذا خرج الرجل من بيته، فقال: بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال حينئذ: هديت ووقيت وكفيت، فتتنحى له الشياطين، فيقول شيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي .
وهذه الكلمة العظيمة من أسباب استجابة الدعاء؛ فعن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من تعار من الله -يعني استيقظ فجأة- فقال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله" ثم قال: "اللهم اغفر لي، أو دعا، استجيب له، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته"
ثم إنها سبب في مغفرة الذنوب، وإن كانت كثيرة، قال صلى الله عليه وسلم: "ما على الأرض أحد يقول: "لا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله" إلا كفرت عنه خطاياه، ولو كانت مثل زبد البحر
لا حول ولا قوة الا بالله 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رؤيا ربيعة بن نصر ملك اليمن وتفسير شق وسطيح لها

تفسير رؤية الاسد والذئاب والذئيب الابيض والاسود فى المنام

اشراط الساعة الصغرى