بناء البيت
الصفحة الرئيسية
مكتبة رياض الجنةالفهرس
كتاب نور اليقين فى سيرة سيد المرسلين
بناء البيت
ولما بلغت سنه عليه السلام خمسا وثلاثين سنة جاء سيل
جارف فصدع جدران الكعبة بعد توهينها من حريق كان أصابها قبل فأرادت قريش هدمها ليرفعوها ويسقفوها فإنها كانت رضيمه فوق القامة ، فاجتمعت قبائلهم لذلك ولكنهم هابوا هدمها لمكانها فى قلوبهم . فقال لهم الوليد بن المغيرة : اتريدون بهدمها الإصلاح أم الاساءة ؟ قالوا : بل الإصلاح ، قال إن الله لا يهلك المصلحين ، وشرع يهدم فتبعوه وهدموا حتى وصلوا إلى اساس إسماعيل وهناك وجدوا صحافا نقش فيها كثير من الحكم على عادة من يضعون أساس بناء شهير ليكون تذكرة للمتاخرين بعمل المتقدمين .
ثم ابتدأوا فى البناء وأعدوا لذلك نفقة ليس فيها مهر بغى ولا بيع ربا وجعل الاشراف من قريش يحنلون الحجارة على اعتاقهم وكان العباس ورسول الله فيمن يحمل ، وكان الذى يلى البناء نجار رومى اسمه باقوم وقد خصص لكل ركن جماعة من العظماء ينقلون اليه الحجارة وقد ضاقت بهم النفقة الطيبة عن اتمامه على قواعد اسماعيل فأخرجوا منها الحجر وبنوا عليه جدارأ قصيرا علامة على انه من الكعبة ولما تم البناء ثمانى عشرة ذراعا بحيث زيد فيه عن اصله تسع اذرع ورفع الباب عن الارض بحيث لا يصعد اليه إلا بدرج أرادوا وضع الحجر الاسود موضعه فاختلف أشرافهم فيمن يضعه وتنافسوا فى ذلك حتى كادت تشب بينهم نار الحرب ودام بينهم هذا الخصام اربع ليال ، وكان اسن رجل فى قريش إذ ذاك أبو اميه بن المغيرة المخزومى عم خالد بن الوليد فقال لهم : يا قوم لا تختلفوا وحكموا بينكم من ترضون بحكمة ، فقالوا : نكل الامر لاول داخل : فكان هذا الداخل هو الامين المأمون عليه الصلاة والسلام فاطمأن الجميع له لما يعهدوه فيه من الامأنة وصدق الحديث وقالوا : هذا الامين رضيناه ، هذا محمد ، لانهم كانوا يتحاكمون اليه إذ كان لا يدارى ولا يمارى ، فلما أخبروه الخبر بسط رداءه وقال لتاخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ، ثم وضع فيه الحجر وامرهم برفعه حتى انتهوا إلى موضعه فأخذه ووضعه فيه وهكذا انتهت هذه المشكلة التى كثيرا ما يكون امثالها سببا فى انتشار حروب هائلة بين العرب لولا ان يمن عليهم بعاقل مثل أبى أمية يرشدهم الى الخير وحكيم مثل الرسول صلى الله عليه وسلم يقضى بينهم بما يرضى جميعهم ، ولا يستغرب من قريش تنافسهم هذا لأن البيت قبلة العرب وكعبتهم التى يحجون اليها فكل عمل فيه عظيم به الفخر والسيادة وهو أول بيت وضع للعبادة بشهادة القرآن الكريم قال تعالى فى سورة آل عمران 《 إن أول بيت وضع للناس الذى ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا 》
وكان يلى أمره بعد ولد إسماعيل قبيلة جرهم فلما بغوا وظلموا من دخل مكة اجتمعت عليهم خزاعة وأجلوهم عن البيت ووليته خزاعة حينا من الدهر ثم أخذتة منهم قريش فى عهد قصى بن كلاب وبسببه أمنوا فى بلادهم فكانت قبائل العرب تهابهم ، وإذا احتموا به كان حصنا أمينا من اعتداء العادين وامتن الله عليهم بذلك فى تنزيله فقال فى سورة القصص 《 أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم 》
تعليقات
إرسال تعليق